نظّم قسم هندسة العمارة في كلية الهندسة بجامعة النجاح الوطنية ورشةَ رسمٍ معماريّ فنيّ بالتعاون مع البروفيسور الفرنسي أندريه سكوبيلتزن المحاضر في مدرسة مونبلييه للعمارة بفرنسا. وقد شارك في الورشة نحو 30 طالباً وطالبة من أصل 120 طلباً تم تقديمها للإشتراك في الورشة من كليات الهندسة والفنون وبعض المهندسين، كما ضمت الورشة بعض المشاركين من الخارج مثل أميركا وفرنسا. وتكون كلُّ يوم في الورشة من جانبٍ نظري تم عقده في قصر القاسم في بيت وزن، أما الجانب العملي فجاءَ في هيئة تمارين معظمها في البلدة القديمة بنابلس بمعدل ساعتي عمل لكل منهما. حيث قام السيد أندريه وطاقمه المساعد بالرسم أمام الطلبة، وبدأ بالرسومات المعمارية البسيطة، ثم قام بتكييف الدروس حسب المهارات المتوفرة لدى المشاركين الذين تم اختيارهم وفق اختبار قدرات أجراه سكوبيلتزن قبيل بدء الورشة.
وهدفت الورشة إلى التعلم على مهارات وتقنيات جديدة في رسم المناظير المعمارية للمباني التاريخية، وتطوير قدرات المشاركين في الرسم اليدوي الحر والجرافيك والفن التشكيلي، من خلال رسم المعالم المعمارية، والإحتكاك بالثقافات الأخرى والتعرف على طريقتها في التفكير والرسم بصفته لغةً عالميةً بين الشعوب، ومن أجل توظيف الرسم في تصميمات المشاركين لمشروعاتهم، وزيادة مقدرتهم على الإحساس بالجمال، وتطوير إحساسهم بالنسب والمقياس والظل والمنظور وعلاقات عناصر اللوحة بعضها ببعض، والتعرف أكثر على العناصر والتفاصيل المعمارية لبلدة نابلس القديمة من خلال القيام برسمها. وفي الوقت نفسه اعتُبرت الورشة ميداناً جيداً لقضاء وقت مفيد لتنمية ملكمة الرسم للذين يتخذون منه هوايةً مفضّلة.
وقد استقبل عميد كلية الهندسة الدكتور نبيل الضميدي ضيف الكلية البروفيسور سكوبيلتزن في مكتبه، وشكره على حضوره إلى فلسطين وعلى الجهد الذي يبذله من أجل نقل خبراته لطلبة قسم الهندسة المعمارية، ودعاه إلى رسم خطة مستقبلية للتعاون المشترك مع كلية الهندسة وقسم العمارة في جامعة النجاح الوطنية، وأضاف الضميدي أن الظرف الطبيعي لفلسطين هو أن يجتمع الطالب الفلسطيني إلى جانب الأشقاء العرب من الأردن وسوريا والسعودية وغيرها جنباً إلى جنب مع الطلبة الأجانب كالبريطاني والإسباني والأمريكي وغيرهم، لكن الإحتلال حال دون ذلك، ما يستدعي حضور الطلبة والزوار الأجانب إلى الكلية لتعويض الطلبة عما حرموا منه بسبب الإحتلال، ولبناء قاعدة فكرية مبنية على التبادل الثقافي والعلمي بين الشعوب.
وقال الدكتور هيثم الرطروط رئيس قسم الهندسة المعمارية إن ورشات العمل الفنية هي جزء هامّ ومكمّل لدراسة العمارة، وعادةً ما يُقيم طلبة الجامعات ورشات محلية لما لذلك من دورٍ رديف يساند الدراسة الأكاديمية، ويعزز أجواء الحياة الجامعية؛ حيث تتخذ تلك الورشات طابعاً علمياً ثقافياً ترفيهياً إجتماعياً. وذكر الرطروط أنه وطاقم قسم هندسة العمارة قد عقدوا اجتماعاً مع الضيف الزائر ومرافقيه وتباحثوا سبل التعاون المستقبلي المشترك. وقام الدكتور الرطروط بشكر مركز التواصل الهندسي في الكلية ومديره المهندس محمد دويكات لمساعدته في ترتيب البرنامج الإجتماعي للورشة ومعرضها وحفلها الختاميّ.
من جهته شكر البروفيسور سكوبيلتزن كلية الهندسة وطاقمها على دفء الإستقبال، وقال إن ما شاهده في نابلس إنما يؤكد على الجذور المشتركة والتراكمات التاريخية التي تجمع الشرق مع الغرب، مشيداً بالإرث التاريخي الغني لمدينة نابلس القديمة. وكان السيد أندريه وضيوف آخرون قدِموا من الولايات المتحدة قد شاركوا في رحلة إلى مدينتي الخليل وبيت لحم نظمها مركز التواصل بالتعاون مع قسم العمارة ضمن مساق الحفاظ المعماري، وشارك فيها طلبة المساق المذكور، إلى جانب من طلبة التدريب العملي وبعض متطوعي المركز.
وقام مركز التواصل الهندسي بتنسيق الزيارات الثقافية للضيوف، منها زيارة الحمام التركي، وزيارة جبل الطور والطائفة السامرية، وبئر يعقوب، وأحد مخيمات اللاجئين شرق نابلس، كما أجرى المركز مقابلةً إذاعية مع السيد أندريه على صوت النجاح ضمن برنامج "قضايا هندسية"، بالإضافة إلى جولات سياحية لنابلس ومعالمها الرئيسة، حيث تم تعريف الضيوف بما تشتهر به المدينة من ثقافة وتاريخ ومن بين ذلك حلوياتها النابلسية. وقال مدير المركز المهندس محمد دويكات إن المركز يخطط لتنظيم معرض رسومات في أكتوبر 2010 بعنوان (100 رسّام من جامعة النجاح).
أندريه سكوبيلتزن من الباحثين المشهورين في فرنسا، حيث نشر مجموعة من الكتب والمقالات في مجال العمارة، والتي تعبّر عن خبرته الطويلة في هذا المجال، ومن خلال قيامه بالتدريس في مدرسة مونبلييه للعمارة، وقد عمل على تطوير منهجه في التعامل مع المباني التاريخية، وإعادة إنشائها بأسلوب يعتمد على التجديد والإبداعية.