ترتكز عملية التنمية الإدارية الحكومية المستدامة على معايير و مواصفات عالمية ونماذج مجربة لدى العديد من الدول المتقدمة والنامية على حد سواء في محاولاتها الجادة للنهوض بالعمل الحكومي وتطويره. ومن هذه النماذج الإدارية المتكاملة للبناء المؤسسي هو النموذج الصادر عن المؤسسة الأوروبية للجودة (EFQM) والذي أصبح معروفا عالميا كنموذج للتميز المؤسسي (Excellence Model) والمطبق في دول الإتحاد الأوروبي والذي اعتمدته العديد من الدول المجاورة لا سيما دول الخليج حيث أصبحت التجربة في دولة الإمارات العربية المتحدة مثلا للتجارب الناضجة والناجحة عالميا في هذا المضمار. وقد أدى هذا النجاح في دولة الإمارات لدرجة أن القطاع العام تفوق على القطاع الخاص في جودة الخدمات وحالته المؤسسية و اصبحت مؤسسات القطاع الخاص تنظر للمؤسسات الحكومية للمقارنات المعيارية (Benchmarking). وقد تحقق ذلك من خلال برامج التميز الحكومي في هذه الدولة مثل برنامج دبي للاداء الحكومي المتميز والذي مكن حكومة دبي من الحصول على المركز الأول عالميا في الإداء الحكومي،وبرنامج أبوظبي للأداء الحكومي المتميز،وبرنامج الشيخ خليفة للأداء الحكومي المتميز على مستوى الدولة. ويعتمد الأردن من خلال جائزة الملك عبد الله الثاني برنامجا للتميز الحكومي يعتمد على النموذج الأوروبي، وكذلك جائزة الملك عبد العزيز في المملكة العربية السعودية المبنية على النموذج الأوروبي وغيره من أنظمة التميز الأوروبي.
وتقترن برامج التميز بتطبيق معايير واجراء تقييم المؤسسات بناء على متطلبات ومؤشرات محددة يتم من خلالها تقييم مدى التزام هذه المؤسسات بتطبيق معايير التميز وتحقيق النتائج واعطاء علامة محددة لكل معيار تقيس هذا المدى وفق منطق والية تسمى الرادار(RADAR) وجاءت هذه الكلمة في اللغة الإنجليزية كإختصار للكلمات الي تدل على أوجه وعناصر القياس وهي النتائجResults والمنهجياتApproach وتطبيقهاDeployment ومراجعتها وتقييمها وتحسينهاAssessment &Review . وبناء على عملية التقييم هذه والتي يتم تنفيذها من قبل خبراء تميز مستقلين تحصل المؤسسة على علامة إجمالية ضمن المدى العالمي (0-1000)لتعبر عن مستوى التميز الذي وصلت إليه وتكون هذه العلامة حاصل جمع العلامات التي تحصل عليها المؤسسة نتيجة لتطبيقها معايير التميز المختلفة.وللعلم فإن أفضل المؤسسات المتميزة العالمية وصلت الى مستوى 750 نقطة بعد سنوات طويلة في رحلة التميز، وقد تجاوزت العديد من المؤسسات في بعض الدول العربية حاجز ال 550 نقطة والذي يعتبر حسب الإحصائيات العالمية مؤشرا لدرجة راقية من الأداء المؤسسي المتميز.
ويشكل هذا المشروع نتائج الخطوة الأولى في رحلة التميز لدائرة المياه والصرف الصحي التابعة لبلدية نابلس والمتمثلة بالتقييم الذاتي حسب نموذج ال EFQM لتحديد حجم الهوة أوالفجوة(Gap) بين متطلبات النموذج والوضع القائم في الدائرة.
تم عمل هذا المشروع لإجراء عملية التقييم الذاتي القياسي لدائرة المياه والصرف الصحي التابعة لبلدية نابلس كخطوة أولى لتطبيق معايير التميز الأوروبي في دائرة المياه والصرف الصحي وقد تم إجراء التقييم الذاتي وفق معايير نموذج التميز الأوروبي EFQM علما بأن عملية التقييم الذاتي ستتم باستخدام أسلوب ومنطق التقييم RADAR. ويتم من خلال هذه العملية التقييمية تشخيص الوضع الحالي لدائرة المياه والصرف الصحي بالمقارنة مع متطلبات معايير النموذج بهدف تحديد الفجوات وتشخيص أبرز الفرص والمشاريع التطويرية والتحسينية ليتم تنفيذها من قبل الدائرة في سبيل تطوير منهجياتها وممارساتها لتحسين نتائج أدائها باستمرار تحقيقا لرسالة وأهداف دائرة المياه والصرف الصحي.
يحتوى الكتاب على جزئين رئيسيين، الأول خاص بمعايير الممكنات (المنهجيات) والثاني خاص بمعايير النتائج، وبحيث يشتمل كل جزء على استمارات تقييم كمي (علامات) مصممة على مستوى المعيار الفرعي وتشتمل على النشاطات الواردة ضمن المعيار الفرعي المحدد، إضافة إلى الاستمارات خاصة بالتقييم النوعي الموجودة في الملاحق أو الملاحظات التقييمية لتلخيص أبرز نقاط القوة وأبرز فرص التحسين الخاصة بكل معيار فرعي.
ويشتمل الكتاب على في نهاية كل معيار رئيسي على جداول لاحتساب علامات المعيار الرئيسي من علامات معاييره الفرعية، كما يشتمل الكتاب في النهاية على جدول يلخص العلامات النهائية للمعايير الرئيسة وآلية احتساب وزنها النسبي لإحتساب العلامة الكلية للدائرة في نهاية العملية التقييمية المحددة.
وتمت عملية التقييم من قبل طلاب المشروع من خلال التقييم الميداني للتحقق من مدى وجود متطلبات نموذج التميز الأوروبي EFQM من منهجيات وممارسات ومدى التطبيق الفعلي لها، وتم ذلك من خلال إجراء مقابلات مع قيادة وموظفي الدائرة وتوزيع استبانات داخل الدائرة والاطلاع على الوثائق والأدلة المعززة لهذا التطبيق.